كم أنت أعزل

عمر محمد العمودي:

كم أنت أعزل..

لا دروع تحميك ولا أسلحة تجعل لك كفّة

تدخل حروبك ولا تكون في الكفتين.. ولا في الميزان

الجدران لا تحميك، فهي تحمي من اعتادوا الاتكاء عليها، ومن رمّموها..

وأنت لم تكن آمنًا يومًا خلف أي جدار

لا باب يُغلق الخارج عليك. عشت مكشوفًا، حتى داخلك لم يُغطَّ

جلدك شفاف، وعيناك سينما لمآلاتك

أنت أعزل حتى من الكلمات، من يديك ومن رايات بيضاء لم تستطع التلويح بها

فلم يكن لك لون، ولن يكون.. لا ظلّ لك. فأنت وحدك وأنت أعزل

ستبرحك حياتك، وتقودك قدماك طوعًا إلى حتفك.. وستشتهيه كما تشتهي البحار معانقة قمم الأبراج المطلّة عليه..

وأنت قطرة تهرب من الرياح، لن تشكّل إعصارًا ولن تبدأ عاصفة..

أنت أعزل، لا عيناك تلمعان، ولا أسنانك حادّة

تنزلق اللذة من فمك كلما هممت بتذوقها

تكون الأشياء أجمل حين تشيح.. وتكون أجمل أكثر حين تنظر من بعيد

أنت أعزل، لا قلبك يستطيع الصمود، ولا رغبتك تنتهي.. ورغبتك وحدها ليست محسوبة إلا داخلك وعليك

وداخلك أيضًا أعزل.. تعبث فيه الرياح، وتوقد فيه النيران، ولا يحترق سواك.

كم أنت أعزل.. بينما حتى الهواء حولك له أنياب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى